إنضم لأكثر من 10M+ متابع

المربع نت – في السنوات الأخيرة، بدأت صناعة السيارات تنزلق بهدوء نحو مفهوم جديد للفخامة، مفهوم يبدو براقاً من الخارج لكنه فارغ من الداخل. أصبح المشهد مليئاً بالعوادم المزيفة، وألياف الكربون المقلدة، والإضاءات المحيطية التي تُستخدم لإيهام السائق بأنه يعيش تجربة استثنائية. لكن خلف هذه المؤثرات البصرية المبهرة، تكمن حقيقة مختلفة تماماً: الفخامة اليوم أصبحت شكلاً بلا جوهر.

“تقارير المربع” الرفاهية الزائفة: كيف تبيع شركات السيارات الفخامة بمؤثرات بصرية فقط

من فخامة المادة إلى فخامة الإيحاء في السيارات الحديثة

الفخامة في السيارات كانت لعقود تُقاس بالمواد المستخدمة، وجودة التصنيع، وهدوء المقصورة، ودقة التفاصيل الحرفية. كان الجلد الطبيعي يعني فخامة حقيقية، والخشب المصقول يرمز إلى أصالة، والمعدن الحقيقي يضيف إحساساً بالمتانة. لكن مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وضغوط الكفاءة، لجأت العديد من الشركات إلى اختصار الطريق.

ألياف الكربون الحقيقية مثلاً، والتي كانت تُستخدم في سيارات السباق لخفتها وصلابتها، أصبحت اليوم مجرد ملصقات سطحية على الأبواب أو الكونسول. وحتى فتحات العادم التي كانت مؤشراً على قوة المحرك تحولت إلى زينة بلا وظيفة في كثير من الطرازات الكهربائية والهجينة. كل ذلك لخداع العين وإقناع الزبون بأنه أمام منتج “فاخر” رغم أن معظم ما يراه لا يؤدي أي غرض حقيقي.

"تقارير المربع" الرفاهية الزائفة: كيف تبيع شركات السيارات الفخامة بمؤثرات بصرية فقط 1

الإضاءة المحيطية.. فخ البريق الحديث

تُعد الإضاءة المحيطية أحد أبرز رموز الفخامة في الجيل الجديد من السيارات. ألوان تتغير حسب المزاج، وخطوط ضوئية تمتد على لوحة القيادة والأبواب، وحتى في فتحات التكييف. لكن هذه الإضاءة التي كانت في البداية لمسة ترف أصبحت الآن بديلاً عن الرفاهية الحقيقية.

فبدلاً من تحسين جودة المقصورة أو تقليل الضوضاء أو تطوير نظام التعليق لراحة الركاب، تكتفي بعض الشركات بتركيب مصابيح LED متعددة الألوان وتروج لها كميزة فخمة. وبذلك يتحول التركيز من الجوهر إلى الصورة، من الراحة الفعلية إلى الانطباع البصري.

شاهد أيضاً:

شاشات ضخمة ومواد مستدامة.. رفاهية بتكلفة أقل

من مظاهر الرفاهية الحديثة أيضاً الشاشات العملاقة التي تغطي لوحة القيادة بأكملها. هذه الشاشات تبهر العين لكنها كثيراً ما تأتي على حساب تجربة القيادة نفسها، إذ تُستبدل الأزرار العملية والمواد الفاخرة بأسطح زجاجية تلمسية تشتت السائق وتفقد المقصورة إحساسها الميكانيكي الأصيل. فالفخامة الحقيقية ليست في حجم الشاشة بل في انسجام التقنية مع الراحة والتحكم.

"تقارير المربع" الرفاهية الزائفة: كيف تبيع شركات السيارات الفخامة بمؤثرات بصرية فقط 2

كما أن بعض الشركات بدأت تستخدم مواد توصف بالمستدامة كنوع من الترويج البيئي، لكنها في الواقع مواد بلاستيكية أو قماشية رخيصة تحاول تقليد الجلد أو الخشب دون أن تمتلك متانتها أو ملمسها الفاخر. تحت شعار “الاستدامة”، يتم تقليل الجودة الفعلية وتجميلها بمصطلحات تسويقية جذابة.

الذكاء الاصطناعي والمحاكاة الصوتية.. فخ جديد للفخامة الرقمية

كثير من الشركات اليوم تروّج لأنظمة مساعدة قيادة “ذكية” أو قدرات قيادة شبه ذاتية، لكن الحقيقة أن معظمها يعمل ضمن حدود ضيقة جداً. هذه الأنظمة تُقدَّم على أنها ثورة تكنولوجية لكنها في الواقع أقرب إلى واجهات تسويقية ترفع السعر وتمنح شعوراً مؤقتاً بالتطور.

ومع انتشار السيارات الكهربائية، ظهرت موجة جديدة من المحاكيات الصوتية التي تبث أصوات محركات اصطناعية داخل المقصورة لإيهام السائق بأنه يقود سيارة ذات أداء قوي. إنها ذروة الفخامة المزيفة، إذ تحاول الصناعة تعويض غياب الإحساس الحقيقي بصوت القوة بتجربة سمعية مصطنعة بالكامل.

اقرأ أيضاً: “تقارير المربع” الاعتمادية في خطر: هل صار العمر الافتراضي للسيارة خمس سنوات فقط؟

الرفاهية التي تخاطب الكاميرا لا الحواس

المشكلة الأكبر أن هذه الرفاهية الزائفة لم تُخلق للسائقين بقدر ما صُممت للمحتوى البصري. مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، باتت السيارات تُسوق عبر الصور والفيديوهات أكثر مما تُقيّم بالتجربة الواقعية. الشركات تعرف أن المشتري اليوم سيتأثر أكثر بمقطع يظهر فيه ضوء متغير وألياف لامعة أكثر مما سيهتم بعزل الصوت أو جودة التعليق.

هذا التحول جعل الفخامة الحديثة فخاً نفسياً، تُباع من خلال الانبهار اللحظي لا من خلال التجربة المستمرة. فالسائق يشعر بالإعجاب في الأيام الأولى، ثم يكتشف أن ما يلمع حوله لا يمنحه راحة ولا جودة ولا إحساساً حقيقياً بالقيمة.

الفخامة الأصيلة لم تكن يوماً في الإضاءة أو الزخرفة، بل في التفاصيل التي لا تُرى بالعين بل تُحس أثناء القيادة. في المواد التي تدوم سنوات، في الأبواب التي تُغلق بصمت محكم، في المقاعد التي لا تُرهقك بعد ساعات من السفر. إنها رفاهية تُقاس بالخبرة لا بالمؤثرات.

ربما نجحت الشركات في تحويل الشكل إلى عامل بيع مؤثر، لكن السائقين الحقيقيين ما زالوا يميزون بين الفخامة الحقيقية وتلك التي تُباع عبر مؤثرات تسويقية. فالعوادم المزيفة والكاربون الوهمي قد يخدعان الكاميرا، لكنهما لن يخدعا الإحساس.

Image of ask section link

اشترك بالقائمة البريدية

احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول


صور من المربع نت