المربع نت – قبل عقدٍ واحد فقط، كانت السيارات الرياضية تمثل الحلم الذي يدفع عشاق القيادة إلى صالات العرض. سيارات مثل كورفيت وموستنج وكامارو كانت رمز القوة والمتعة الميكانيكية الخالصة، تُباع بعشرات الآلاف سنوياً وتتصدر قوائم المبيعات. لكن اليوم، في عام 2025، يبدو أن هذا العصر قد انتهى فعلياً. الأرقام الصادرة من السوق الأمريكي تكشف تراجعاً حاداً وغير مسبوق في مبيعات السيارات الرياضية، لتتحول من أيقونة الشوارع إلى منتج هامشي يعيش على أمجاد الماضي.
الوصول السريع للمحتوى
أسباب عزوف المستهلكين عن اقتناء السيارات الرياضية
العوامل التي أدت إلى هذا التراجع متعددة ومترابطة. أولها التحول الجذري في ذوق المستهلك وخاصة في الولايات المتحدة، والذي بات يرى في سيارات الكروس أوفر والبيك أب خياراً أكثر عملية واقتصادية. الأسر الشابة تبحث عن سيارات مرتفعة عن الأرض، مزودة بتقنيات أمان واتصال حديثة، وليست سيارة منخفضة بمقعدين وصندوق صغير.
العامل الثاني اقتصادي بحت: ارتفاع أسعار الفائدة حول العالم خلال العامين الأخيرين بسبب موجات التضخم الحادة جعل تمويل السيارات الرياضية الفاخرة أصعب من أي وقت مضى. ومع ارتفاع تكاليف التأمين والصيانة والضرائب، صار اقتناء سيارة أداء عالي رفاهية نادرة حتى بين الطبقات المتوسطة العليا.
ثم تأتي الثورة الكهربائية لتضيف عبئاً جديداً. فمع أن بعض الشركات حاولت إعادة تعريف “السيارة الرياضية” في شكل كهربائي، مثل لوسيد اير وموستنج ماك-إي، إلا أن جمهور الأداء التقليدي لم يقتنع بعد. غياب الصوت، وثقل البطاريات، وبرودة الإحساس بالميكانيكا القديمة جعلت هذه السيارات تفشل في سد الفجوة العاطفية التي كانت تميز محركات البنزين.
شاهد أيضاً:
ولا يمكن تجاهل أيضاً التغير الثقافي العميق في نظرة الأجيال الجديدة للسيارات وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية. فالشباب الذين كانوا قبل عقدين يحلمون بسيارة ذات عزمٍ قوي باتوا اليوم أكثر انشغالاً بالتقنيات الرقمية والاشتراكات الذكية والتنقل المشترك. باختصار، لم تعد “السيارة الرياضية” حلماً جماعياً، بل هواية محدودة النطاق.
وسط هذه التحولات، تتراجع مبيعات سيارات مثل شيفروليه كورفيت وفورد موستنج ودودج تشالنجر بأرقام مزدوجة خلال 2025، لتؤكد أن ما يحدث ليس مجرد تباطؤ مؤقت، بل تحول هيكلي في سوق السيارات العالمية، وسنتتبع في هذا التقرير أرقام المبيعات ونسب التغير بدقة على مدار 2025 لأهم السيارات الرياضية في السوق.
شيفروليه كورفيت

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 17,718 سيارة، بانخفاض حاد نسبته 31% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
رغم إطلاق نسختي ZR1 وZR1X الرائعتين اللتين تصدرتا حلبة نوربورغرينغ كأسرع سيارات أمريكية على الإطلاق، فإن العام لم يكن جيداً لرمز الأداء الأمريكي. ويبدو أن كثيراً من العملاء فضّلوا التريث انتظاراً للجيل المحدث لعام 2026، الذي سيحصل على مقصورة داخلية جديدة بالكامل، أو للحصول على نسخ ZR1 التوربينية عندما يبدأ إنتاجها بوتيرة أكبر العام المقبل، ما أدى لتدهور المبيعات هذا العام.
اقرأ أيضاً: “تقارير المربع” كيف فرضت التقنيات الصينية هيمنتها على صناعة السيارات العالمية
دودج تشارجر

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 8,943 سيارة، بانخفاض هائل نسبته 84.2% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
من الواضح أن محبي دودج لم يتقبلوا بسهولة غياب محرك الـV8 الشهير في تشارجر الجديدة، بعد استبداله بخيارات توربينية سداسية الأسطوانات أو كهربائية بالكامل، كما كثير من العملاء استغلوا العام الماضي لشراء النسخ الأخيرة من الموديلات القديمة، ما رفع مبيعات 2024 بشكل استثنائي مقارنة بمبيعات 2025 الأضعف بكثير.
واليوم تحاول دودج تدارك الموقف بإلغاء فئات من طراز “دايتونا” الكهربائي، بل وتفكر – وفق التقارير – في إعادة محرك الـV8 إلى سيارة لم تكن مهيأة له أصلاً.
فورد موستنج

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 32,818 سيارة، بانخفاض نسبته 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
على عكس تشارجر، لم تتعرض موستنج لأي تغييرات جذرية، ومع ذلك تراجعت مبيعاتها رغم حملات التسعير الجذابة التي أطلقتها فورد لتعويض أثر الرسوم الجمركية. هذا التراجع البسيط لا يقلق الشركة كثيراً، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس التنفيذي جيم فارلي الذي أكد أن فورد تستثمر بقوة في مستقبل موستنج وتعد لمشروعات جديدة تعزز مكانتها في السوق الأمريكي.
سوبارو BRZ

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 2,284 سيارة، بانخفاض نسبته 1.7% عن نفس الفترة من 2024.
ارتفاع أسعار BRZ هذا العام لم ينعكس سلباً على المبيعات بشكل كبير، مع قرار الشركة بإيقاف الفئة الأساسية ضعيفة الإقبال والتركيز على الفئة الأقوى والأغلى سعراً، والتي تبدأ من 37 ألف دولار (نحو 139 ألف ريال سعودي). وبشكل عام، ما زالت BRZ تُحافظ على شعبية لا بأس بها بين عشاق القيادة الخفيفة والمناورة الدقيقة.
تويوتا GR سوبرا

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 2,009 سيارة، بانخفاض 13.7%، أو 300 سيارة، مقارنة بنفس الفترة من 2024.
توشك سوبرا على مغادرة الأسواق مع اقتراب نهاية دورة حياتها الحالية، بينما لا يزال الجيل الجديد في مرحلة التطوير ومن المرجح أن يتم دون شراكة مع بي ام دبليو هذه المرة.
تويوتا GR86

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 8,107 سيارات، بانخفاض نسبته 15.9% عن العام الماضي.
تشترك GR86 في مصير شقيقتها سوبرا وتوأمها الميكانيكي سوبارو BRZ، إذ تعاني من ضعف الطلب رغم احتفاظها بسعر انطلاق تنافسي يبلغ 32,470 دولاراً (حوالي 122 ألف ريال سعودي). ورغم حصولها على بعض النسخ الخاصة والتحديثات البسيطة منذ إطلاقها عام 2021، إلا أنها تبدو ضحية للعوامل الاقتصادية الأوسع التي تضغط على مبيعات السيارات الرياضية عامة.
فولكس واجن جولف GTI

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 5,700 سيارة، بانخفاض كبير نسبته 32.2% عن نفس الفترة من 2024.
قدمت فولكس واجن النسخة المحدثة لجولف GTI الرياضية في الصيف الماضي مع تحسينات واضحة في الأداء والتقنيات، لكنها في الوقت نفسه ألغت النسخة اليدوية المحبوبة، ما دفع الكثير من المتحمسين لشرائها العام الماضي قبل توقفها، ما أدى لضعف الإقبال على موديل العام الجديد.
نيسان Z

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 4,822 سيارة، بزيادة ضخمة نسبتها 121.7% مقارنة بعام 2024.
في وقت تتراجع فيه معظم السيارات الرياضية، تحقق نيسان Z انتعاشة مدهشة. فبعد بطء الإنتاج في بداية عمرها، أخيراً انطلقت المبيعات بقوة، مدعومة بعروض وتحفيزات كبيرة من الشركة، خاصة مع اقتراب طرح النسخة اليدوية من Z نيسمو.
مازدا MX-5 مياتا

مبيعات أول 9 شهور من عام 2025 بلغت 7,299 سيارة، بزيادة ملحوظة نسبتها 26% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
على الرغم من أن الجيل الرابع من مياتا تجاوز عشر سنوات في الأسواق، إلا أنه لا يزال يُعتبر من أفضل السيارات الرياضية من حيث التجربة والسعر معاً. هذا العام هو أول عام كامل لتوافر النسخة المحدثة من مياتا، كما تحتفل مازدا بالذكرى الـ35 لإطلاق السيارة من خلال إصدار خاص محدود. ومع ذلك، تواجه السيارة تحدياً جديداً مع فرض تعريفة جمركية 15% على السيارات اليابانية، مما قد يدفع سعرها لتجاوز حاجز 30 ألف دولار (حوالي 113 ألف ريال سعودي).
نظرة ختامية
توضح أرقام مبيعات أول تسعة شهور من عام 2025 أن القطاع الرياضي يعيش فترة ركود غير مسبوقة، حيث سجلت أغلب الطرازات الكلاسيكية انخفاضات حادة رغم محاولات الشركات لإنعاشها عبر تحديثات أو نسخ خاصة. التحديات تتنوع بين التحول إلى الكهرباء، وارتفاع الأسعار، والقيود البيئية، وضعف الإقبال بين الأجيال الجديدة التي تميل أكثر إلى سيارات الكروس أوفر والتقنيات الحديثة.
ومع ذلك، لا تزال بعض الموديلات — مثل نيسان Z ومازدا مياتا — تثبت أن الشغف بالقيادة الرياضية الصافية لم يمت بعد، بل يعيش في نطاق محدود ومخلص من العشاق الذين يرفضون التخلي عن المتعة الحقيقية خلف المقود. يبدو أن مستقبل السيارات الرياضية لن يعتمد على الأرقام وحدها، بل على الإرث والهوية، وهما ما لا يمكن تعويضهما مهما تغيرت اتجاهات السوق.









اشترك بالقائمة البريدية
احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول
