إنضم لأكثر من 10M+ متابع

المربع نت – قبل عشرين أو ثلاثين عاماً، كان من السهل أن تميّز السيارة من نظرة واحدة، بل أحياناً من صوتها فقط. لم تكن بحاجة لرؤية الشعار كي تعرف إن كانت هذه مرسيدس أو بي إم دبليو، فيراري أو لامبورجيني. اليوم، الصورة مختلفة تماماً. سيارات من علامات مختلفة تبدو وكأنها خرجت من القالب نفسه، بأشكال متقاربة، مقصورات متطابقة تقريباً، وتجربة قيادة يصعب تمييزها إلا في التفاصيل الدقيقة.

هذا التشابه لم يأتِ صدفة، ولم يكن نتيجة “كسل” من المصممين فقط، بل هو نتيجة سلسلة طويلة من التحولات التقنية والاقتصادية والتنظيمية التي أعادت تشكيل صناعة السيارات من جذورها.

“تقارير المربع” لماذا أصبحت السيارات متشابهة أكثر من أي وقت مضى؟

المنصات المشتركة… حين اختفت الفروق من الأساس في عالم السيارات

أحد أكبر أسباب التشابه هو الاعتماد الواسع على المنصات المشتركة. في الماضي، كانت كل شركة تقريباً تطور هيكلها الخاص ومحركاتها الخاصة، وهو ما كان يفرض اختلافات طبيعية في الأبعاد، التوازن، الإحساس، وحتى الصوت. اليوم، منصة واحدة قد تُستخدم لعشرات الموديلات عبر عدة علامات تجارية.

سيارة كروس أوفر من علامة فاخرة وأخرى من علامة عامة قد تشترك في الهيكل، نظام التعليق، وحتى مواضع الجلوس. الفارق يصبح في التصميم الخارجي وبعض المواد، بينما الجوهر واحد. ومع انتشار السيارات الكهربائية، زادت المشكلة تعقيداً، لأن المنصات الكهربائية بطبيعتها أكثر تشابهاً، بطاريات في الأرضية ومحركات على المحاور، مع حرية أقل في “الشخصية الميكانيكية”.

شاهد أيضاً:

التصميم لم يعد مغامرة

في السابق، كان التصميم وسيلة لإثبات الجرأة والهوية. اليوم، أصبح التصميم أداة لتقليل المخاطر. الشركات تعمل في سوق عالمي حساس، أي خطأ في الذوق قد يعني خسارة مليارات. النتيجة؟ لغة تصميم “آمنة”، زوايا مألوفة، مصابيح LED رفيعة، شبكات مغلقة أو شبه متطابقة، وخطوط جانبية لا تثير الجدل.

حتى العلامات التي كانت تُعرف بالتمرد البصري بدأت تلين. لا أحد يريد صدمة المستهلك، الكل يريد قبولاً واسعاً. وهنا بالضبط تبدأ الهوية بالذوبان.

المقصورة… حين أصبحت الشاشة هي الشخصية

إذا انتقلنا للمقصورة، سنلاحظ أن التشابه يصبح أكثر وضوحاً. شاشة كبيرة أو شاشتان، لوحة زجاجية ممتدة، أزرار شبه معدومة، وإضاءة محيطية ملوّنة. هذا المشهد يتكرر من سيارة صينية اقتصادية إلى سيارة ألمانية فاخرة.

السبب بسيط: التكنولوجيا أصبحت أسرع وسيلة لإقناع العميل أنه “اشترى شيئاً حديثاً”. الشاشة أسهل من تطوير إحساس قيادة، وأرخص من إعادة هندسة ميكانيكية كاملة. لكن النتيجة أن المقصورات فقدت طابعها الخاص. لم تعد هناك “رائحة” علامة، ولا إحساس زر، ولا ملمس مقود يذكّرك بتاريخ الشركة.

اقرأ أيضاً: “تقارير المربع” أزمة الجيل الجديد مع السيارات: لماذا لم تعد القيادة حلماً؟

القوانين… عدو الإبداع الصامت

عنصر آخر لا يتم الحديث عنه كثيراً هو القوانين. معايير السلامة والانبعاثات الصارمة فرضت قيوداً هائلة على التصميم والوزن والمحركات. ارتفاع مقدمة السيارة، سماكة الأعمدة، حجم المرايا، شكل الصدامات… كلها باتت تخضع لمعادلات تنظيمية دقيقة.

هذه القوانين جعلت السيارات أقرب لبعضها هندسياً، حتى قبل أن يصل المصمم إلى مكتبه. الإبداع بات محصوراً داخل هامش ضيق جداً.

هل المشكلة في السيارات… أم فينا؟

السؤال الأصعب: هل نحن فعلاً نريد الاختلاف؟

السوق يقول إن المستهلك يفضّل المألوف. السيارة التي “تشبه غيرها” تُشعره بالأمان. المختلف يُخيف. لذلك، حين تجرؤ شركة على تقديم شيء خارج القالب، غالباً ما تُعاقَب تجارياً.

لكن في المقابل، هناك حنين واضح للسيارات الأقدم، ارتفاع في أسعارها، وشغف متزايد بكل ما يحمل طابعاً ميكانيكياً حقيقياً. هذا التناقض يكشف أن المشكلة ليست في غياب الذوق، بل في غياب الخيارات المقنعة للمستهلك.

"تقارير المربع" لماذا أصبحت السيارات متشابهة أكثر من أي وقت مضى؟ 3
تيسلا موديل 3

إلى أين نتجه؟

إذا استمر المسار الحالي، سنصل إلى مرحلة تصبح فيها السيارات مجرد “أجهزة تنقل” مختلفة بالشعار والسعر فقط. لكن التاريخ يخبرنا أن كل موجة تشابه تُولد موجة تمرد.

ربما تعود الهوية عبر علامات صغيرة، أو عبر إصدارات خاصة حقيقية، أو عبر إعادة الاعتبار للميكانيكا والإحساس. وربما يكون الخليج، بثقافته المختلفة وعلاقته العاطفية مع السيارة، أحد آخر الأسواق القادرة على فرض هذا التغيير.

السؤال الحقيقي ليس لماذا أصبحت السيارات متشابهة… بل: متى يقرر السوق أنه سئم هذا التشابه؟

Image of ask section link

اشترك بالقائمة البريدية

احصل على أخبار وأسعار السيارات أول بأول


صور من المربع نت
برنامج #تجربة_سيارة
برنامج #على_السريع
برنامج #اسعار_السيارات
برنامج #مايك_المربع
برنامج #جديد_السيارات
برنامج #تدري؟
برنامج #توب_تن
برنامج #معلومات_تهمك
برنامج #بوكس_المربع