“تقارير المربع” شركات السيارات الرابحة والخاسرة من أي سلام محتمل بين روسيا وأوكرنيا

المربع نت – منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، شهدت صناعة السيارات العالمية واحدة من أكبر التحولات الجغرافية في أسواقها. انسحبت الشركات الغربية واليابانية والكورية سريعاً من السوق الروسية بعد هيمنة قوية لعقود، فيما استغلت الشركات الصينية الفرصة لتصبح اللاعب الأبرز بلا منازع.

ولكن، ماذا لو تم توقيع اتفاقية سلام قريباً؟، خاصة في ظل المفاوضات الجارية حالياً تحت إشراف الإدارة الأمريكية الجديدة لدونالد ترامب.. من الرابح ومن الخاسر في سوق السيارات الروسية إذا عاد الاستقرار؟

انسحاب الشركات الغربية من السوق الروسي

بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية وفرض العقوبات الغربية على الحكومة الروسية، اضطرت شركات كبرى مثل رينو وفولكس فاجن وتويوتا ونيسان وهيونداي إلى تجميد مصانعها أو بيع أصولها بالكامل في روسيا.

رينو على سبيل المثال باعت حصتها في أفتوفاز، المالكة لعلامة لادا الشهيرة، للحكومة الروسية مقابل سعر رمزي روبل واحد فقط (أقل من ريال سعودي)، بينما أغلقت فولكس فاجن مصنعها الرئيسي في كالوغا بعد أكثر من عقد من الاستثمار.

أما نيسان وهيونداي، اللتان كانتا من أبرز الأسماء الكورية واليابانية في السوق، فقد علقتا عملياتهما وخسرتا قاعدة عملاء واسعة. هذه القرارات لم تكن سهلة بأي حال، لكنها جاءت تحت ضغط العقوبات الغربية والرأي العام الدولي، فضلاً عن صعوبة استيراد المكونات والتكنولوجيا في ظل القيود الاقتصادية.

الصعود الصيني بلا منافسة

في أعقاب رحيل هذه الأسماء الكبيرة، وجدت الشركات الصينية مثل شيري وهافال وجيلي نفسها أمام سوق ضخم يفتقر إلى المنافسة. ارتفعت حصتها السوقية من أقل من 10% قبل الحرب إلى ما يتجاوز 50% حالياً، وأصبحت هافال واحدة من أبرز العلامات مبيعاً بفضل مصنعها في تولا، فيما استحوذت شيري على شريحة ضخمة من المستهلكين الباحثين عن سيارات اقتصادية وحديثة نسبياً. بينما عززت جيلي مكانتها من خلال شبكة واسعة من الوكلاء الروس.

ومع ذلك، ما زالت هذه الطفرة الصينية غير المسبوقة في المبيعات والحضور تواجه تحدياً يتمثل في الصورة الذهنية السلبية لدى بعض المستهلكين الروس الذين ينظرون إلى السيارات الصينية كبديل مؤقت بسبب ظروف الحرب وليس خياراً دائماً.

شركات السيارات الرابحة من أي سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا

في حال توقيع اتفاقية سلام ورفع العقوبات الغربية، ستكون شركات مثل رينو ونيسان وهيونداي في وضع يسمح لها بالعودة سريعاً ومحاولة استعادة حصتها المفقودة، خصوصاً أن لديها تاريخاً طويلاً بالفعل في السوق الروسية.

رينو تحديداً قد تسعى لاستعادة موقعها القيادي عبر تحالف جديد مع أفتوفاز، بينما ستفكر فولكس فاجن وتويوتا في دراسة جدوى العودة على المدى المتوسط. لكن هذه العودة لن تكون سهلة، لأنها ستتطلب استثمارات ضخمة لإعادة تشغيل المصانع أو بناء شبكة إنتاج جديدة، كما أنها ستعتمد على مدى قدرتها على استعادة ثقة المستهلك الروسي بعد فترة غياب طويلة، فضلاً عن أن الشركات الصينية التي سيطرت على نصف السوق تقريباً لن تتنازل بسهولة عن مواقعها.

الشركات الخاسرة من انتهاء الحرب والعقوبات

من الناحية الأخرى، ستكون الشركات الصينية الأكثر عرضة للخسارة إذا عادت المنافسة الغربية، لأن جزءاً كبيراً من نجاحها ارتبط بغياب الأسماء الكبرى. عودة تويوتا أو فولكس فاجن من جديد ستعيد المنافسة إلى مستويات شرسة وتضغط على الأسعار والجودة في آن واحد.

شركات السيارات الروسية مثل أفتوفاز، استفادت هي الأخرى من غياب المنافسين وارتفعت مبيعات سيارات لادا محلياً لمستويات تاريخية خلال الأعوام الأخيرة، لكنها ستجد نفسها أمام تحديات صعبة إذا عادت الشركات العالمية، نظراً لاعتمادها حتى الآن على تكنولوجيا أقل تطوراً مقارنة بالمنافسين.

تغيرات جذرية قادمة في سوق السيارات الروسي

يمكن القول إن أي اتفاقية سلام محتملة بين روسيا وأوكرانيا لن تقتصر آثارها على السياسة والاقتصاد فحسب، بل ستعيد رسم خريطة سوق السيارات الروسية بالكامل. الغرب سيحاول العودة لتعويض خسائره، والصين ستقاتل للحفاظ على مكتسباتها، بينما الشركات الروسية المحلية ستواجه معركة وجودية. النتيجة النهائية ستعتمد على سرعة تعافي الاقتصاد الروسي، ومدى استعداد المستهلك المحلي لاستقبال الأسماء القديمة من جديد أو الاستمرار مع القادم الجديد من الصين.

اقرأ أيضاً: ترامب يهدد أي دولة تحاول فرض قيود بيئية على الشحن العالمي ويتعهد بحماية صناعة النفط