السيارات الكهربائية في السعودية: هل هي بديل واقعي أم مجرد موضة؟

المربع نت-في السنوات الأخيرة، أصبحت السيارات الكهربائية حديث الساعة في المملكة العربية السعودية. فبين مؤيد يرى فيها مستقبل النقل المستدام، ومتردد يتساءل عن جدواها الفعلية، يبقى السؤال الأهم: هل السيارات الكهربائية في السعودية بديل واقعي حقاً أم أنها مجرد موضة عابرة؟

الوضع الحالي في السعودية

شهدت السعودية نمواً ملحوظاً في عدد السيارات الكهربائية المستوردة، حيث بلغت نسبة الزيادة 150% في عام 2023 مقارنة بالعام السابق. ورغم أن هذه النسبة تبدو مشجعة، إلا أن العدد الفعلي لا يزال محدوداً، إذ استوردت المملكة 779 سيارة كهربائية فقط في عام 2023.

تتوفر في السوق السعودي حالياً مجموعة متنوعة من الطرازات بأسعار متفاوتة تبدأ من 100,000 ريال للموديلات الاقتصادية وتصل إلى أكثر من 275,000 ريال للفئات الفاخرة. وتضم السوق علامات صينية مثل بي واي دي وجيلي، وكورية مثل هيونداي وكيا، بالإضافة إلى العلامات الفاخرة مثل تسلا ولوسيد.

شاهد أيضا:

المبادرات الحكومية ورؤية 2030

تسعى المملكة العربية السعودية، ضمن رؤية 2030، إلى تحقيق هدف طموح: أن تكون 30% من السيارات في العاصمة الرياض كهربائية بحلول عام 2030. هذا الهدف يعكس التزاماً حقيقياً بالتحول نحو الطاقة النظيفة والحد من الانبعاثات الكربونية.

ومن أبرز المبادرات:

• شركة “سير”: أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، تطمح لإنتاج 17,000 سيارة سنوياً في مراحلها الأولى
• مصنع لوسيد: افتتح في سبتمبر 2023 في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ويستهدف إنتاج 155,000 سيارة سنوياً عند اكتماله
• الاستثمارات الضخمة: استثمارات تصل إلى 35 مليار دولار حتى عام 2030 من صندوق الاستثمارات العامة

اقرأ أيضا: مبيعات بورش تايكان الكهربائية تنهار في 2024 والعلامة تعترف بالخطأ في تقدير الطلب على السيارات الكهربائية

البنية التحتية: التحدي الأكبر

يعتبر توفر محطات الشحن أحد أكبر التحديات التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية في المملكة. حالياً، لا يتجاوز عدد محطات الشحن السريعة 20 محطة، منها 8 محطات فقط في العاصمة الرياض. وتشير الدراسات إلى أن المملكة ستحتاج لما لا يقل عن 60,000 نقطة شحن بحلول عام 2030.

لمواجهة هذا التحدي، أطلقت السعودية عدة مبادرات من خلال شركات مثل “إيفيك” التي تهدف إلى إنشاء 5,000 شاحن في أكثر من 1,000 موقع قبل عام 2030، و”إلكترومين” التي تخطط لتشغيل 200 محطة شحن بحلول 2030.

المزايا والفوائد

رغم التحديات، تقدم السيارات الكهربائية مزايا عديدة:

• التوفير الاقتصادي: تكلفة شحن سيارة ببطارية 70 كيلوواط ساعة تبلغ حوالي 12.6 ريال فقط للشحنة الكاملة، وهو أقل بكثير من تكلفة البنزين
• انخفاض تكاليف الصيانة: قلة القطع المتحركة تعني صيانة أقل تكلفة
• الفوائد البيئية: تقليل الانبعاثات الكربونية والحفاظ على نقاء الهواء
• تجربة قيادة متطورة: قيادة هادئة وسلسة مع تقنيات ذكية متقدمة

التحديات والعقبات

تواجه السيارات الكهربائية في السعودية عدة تحديات:

• محدودية البنية التحتية: قلة محطات الشحن، خاصة على الطرق الطويلة بين المدن
• التكلفة الأولية المرتفعة: سعر الشراء أعلى من السيارات التقليدية
• انخفاض أسعار الوقود: أسعار البنزين المنخفضة نسبياً تقلل من جاذبية التحول
• محدودية الخدمات: قلة شركات التأمين ومراكز الصيانة المتخصصة

الخلاصة: بديل واقعي أم موضة؟

الإجابة ليست بالأبيض أو الأسود. السيارات الكهربائية في السعودية ليست مجرد موضة، بل هي جزء من تحول استراتيجي طويل الأجل نحو الاستدامة البيئية. الاستثمارات الضخمة والمبادرات الحكومية المتعددة تشير إلى جدية المملكة في هذا التحول.

ومع ذلك، لا يزال أمامها طريق طويل لتصبح البديل الأساسي. فالبنية التحتية لا تزال في مراحلها الأولى، والتكلفة المرتفعة قد تبقيها حكراً على فئة معينة من المستهلكين لفترة من الزمن.

تشير التقارير ان الواقع يشير إلى أن السيارات الكهربائية تمثل خياراً واقعياً لفئة معينة حالياً، خاصة أولئك الذين يعيشون في المدن الكبرى ويتنقلون ضمن نطاق محدود. أما للسفر الطويل والاستخدام المكثف، فقد يكون من الأفضل الانتظار حتى تتطور البنية التحتية بشكل أكبر.

في النهاية، النجاح الحقيقي سيعتمد على استمرار الاستثمار في البنية التحتية، وتقديم حوافز للمستهلكين، والعمل على نشر الوعي بفوائدها. وحينها فقط، ستتحول من خيار محدود إلى بديل واقعي ومستدام للجميع.